خرج ، متوكّئاً على عصاه المحدودب مثل ظهره ، مع القلة التي خرجت لصلاة الاستسقاء ، كان عقله يضج بأفكار شتى ، كلها عن زمنه الغابر ، توقف طويلاً عند ذلك اليوم ، يوم غطى السماء غمام كثيف ، واسودّ الأفق ، وأظلم .
كم حدّث عنه سمّاره ، وأساريره تبرق ، وأشاراته تتكلّم . . وعيناه تغرورق . . إنه ينقل سمّاره إلى عصر الأمير . . هكذا يتحدث عنه . .كنا وكان أميرنا. . " وكانت الدنيا كلها فقيرة ، وكانت الحروب . . وكان المحتاجون يقصدون أميرنا من كل حدب وصوب ، فلا يصدرون من عنده إلاّ وقد أوقر جمالهم بالتمر الكثير . .ثم يتنهد ، كأنه يأسف أن طال به العمر حتى يرى زمن سمّاره . . . .
ثم يواصل : كان أميراً مستقيماً صالحاً ، يطعم الجائع ، ويكسو المعدوم ، ويحنو على الأطفال ، ويعول الفقراء ، ويكفل المحتاجين ، ويمسح على رؤوس الأيتام . . . . والأمطار تهطل غزيرة . . في موسمها . . لا تتأخر . . ، كانت – يومها – قلوبنا مجتمعة ، وكلمتنا واحدة . . كنّا جميعا ، نأكل في صحفة واحدة . . . ونتقاسم الرغيف الواحد . . . فإذا انتهينا من الحصاد نترك القرية ونرحل مع أميرنا إلى الظراب . . . و بطون الأودية المجاورة ، وسفوح الآكام والشعاب المليئة بالربيع . . . . البحر ليس منّا ببعيد . . . . و الأيام تمر مرّ السحاب . . . ليس إلاّ السعادة وحدها . . . واجتماع الكلمة وحدها . . . صفاء القلوب . .اخضرار الربيع . . وعبادة الله وحده .
وكان لأميرنا صفيّاً منّا ، يدعى (الخزين) ، ألّف الله بين قلبيهما لشبه كان بينهما في الإنفاق ، فإذا جاء زمن الحصاد أصبحت حقول الأمير وحقول الخزين لنا جميعاً ، لقاصينا ودانينا , كلنا يأخذ ما يكفيه منها ، ويبقى الكثير .
حتى كانت صبيحة ذلك اليوم ، حين حمل أحد المقربين إلى أميرنا ذلك النبأ العجيب :
- مات الخزين .
كاد الأمير أن يصعق ، لكنه تحامل على قدميه الخائرتين ، حتى وصل منزله ، ثم سقط مغشيّا عليه ، وودّعنا ، ثم يبكي . . ويقول :
في ذلك اليوم غطى السماء غمام كثيف ، واسودّ الأفق ، وأظلم ، لكنها لم تمطر السماء .
كم أوشك أن يقول لسمّاره : " إنه في ذلك اليوم بكت السماء " .
كم حدّث عنه سمّاره ، وأساريره تبرق ، وأشاراته تتكلّم . . وعيناه تغرورق . . إنه ينقل سمّاره إلى عصر الأمير . . هكذا يتحدث عنه . .كنا وكان أميرنا. . " وكانت الدنيا كلها فقيرة ، وكانت الحروب . . وكان المحتاجون يقصدون أميرنا من كل حدب وصوب ، فلا يصدرون من عنده إلاّ وقد أوقر جمالهم بالتمر الكثير . .ثم يتنهد ، كأنه يأسف أن طال به العمر حتى يرى زمن سمّاره . . . .
ثم يواصل : كان أميراً مستقيماً صالحاً ، يطعم الجائع ، ويكسو المعدوم ، ويحنو على الأطفال ، ويعول الفقراء ، ويكفل المحتاجين ، ويمسح على رؤوس الأيتام . . . . والأمطار تهطل غزيرة . . في موسمها . . لا تتأخر . . ، كانت – يومها – قلوبنا مجتمعة ، وكلمتنا واحدة . . كنّا جميعا ، نأكل في صحفة واحدة . . . ونتقاسم الرغيف الواحد . . . فإذا انتهينا من الحصاد نترك القرية ونرحل مع أميرنا إلى الظراب . . . و بطون الأودية المجاورة ، وسفوح الآكام والشعاب المليئة بالربيع . . . . البحر ليس منّا ببعيد . . . . و الأيام تمر مرّ السحاب . . . ليس إلاّ السعادة وحدها . . . واجتماع الكلمة وحدها . . . صفاء القلوب . .اخضرار الربيع . . وعبادة الله وحده .
وكان لأميرنا صفيّاً منّا ، يدعى (الخزين) ، ألّف الله بين قلبيهما لشبه كان بينهما في الإنفاق ، فإذا جاء زمن الحصاد أصبحت حقول الأمير وحقول الخزين لنا جميعاً ، لقاصينا ودانينا , كلنا يأخذ ما يكفيه منها ، ويبقى الكثير .
حتى كانت صبيحة ذلك اليوم ، حين حمل أحد المقربين إلى أميرنا ذلك النبأ العجيب :
- مات الخزين .
كاد الأمير أن يصعق ، لكنه تحامل على قدميه الخائرتين ، حتى وصل منزله ، ثم سقط مغشيّا عليه ، وودّعنا ، ثم يبكي . . ويقول :
في ذلك اليوم غطى السماء غمام كثيف ، واسودّ الأفق ، وأظلم ، لكنها لم تمطر السماء .
كم أوشك أن يقول لسمّاره : " إنه في ذلك اليوم بكت السماء " .